حکم الشرع فی التدخین فی الصلاة

هل التدخین یبطل الوضوء

التدخین لا یبطل الوضوء ، ولکن لأن التدخین یسبب ضرراً جسدیاً ومالیاً کبیراً للفرد وللآخرین ، یجب على المسلم أن یمتنع عن التدخین.

التَّدخین التدخین هو عبارة عن عملیّة استنشاق وابتلاع الدُّخان الناتج عن حرق نبات التبغ، أو ما یُعرف بالتّنباک، ویُسمّى بین النّاس بالسَّجایر أو الأرجیلة، والتبغ هو نبات عشبیّ له ساق تنمو على جوانبه أوراق عریضة لونها أخضر، وتُقطَف هذه الأوراق وتُجمَع مع بعضها وتُجفّف.

 من المعلوم أنّ التدخین من الخبائث التی تشمئزّ لها النفس، وتَعافها الفطرة السلیمة، فإذا ما أراد المسلم أن یقیس الخُبث الموجود

فی الدُّخان مع الخبائث الأخرى فربما یصل إلى شکّ أو توهّمٍ بأن التدخین له علاقة بالوضوء وبطلانه، وأن من یُدخّن لا بد له أنّ یتوضأ

قبل أن یُصلّی، فهل یُبطل التدخین الوضوء، وهل یؤثر على طهارة المسلم؟ حُکم التَّدخین ذهب کثیرٌ من العلماء الثقات فی العصر الحاضر إلى القول بحرمة التَّدخین، حیث إنّه لم یکن موجوداً فی عصر الفقهاء والتّابعین، ناهیک عن عدم وجوده زمن الوحی والرسالة،

وقد استدلّ القائلون بحرمة التدخین على مجموعةٍ من الأدلة من الکتاب والسُنّة، وذلک لما یترتّب علیه من الضرر، وما یُسبّبه من

أمراض وأوبئة، وقد ثبت ضرر التّدخین طبیّاً وعلمیّاً، ومن أدلة أصحاب هذا القول ما یأتی:

 قال تعالى: (یَسْأَلُونَکَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبَاتُ)؛

 فدلَّت الآیة على أنّه لا یحِلُّ إلا ما کان طیِّباً، وبالنّتیجة فإنّ کلَّ خبیثٍ مُحرَّم، ولا یختلف اثنان على أنّ التّدخین من الخبائث. قال تعالى: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُلُوا مِنْ طَیِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاکُمْ وَاشْکُرُوا لِلَّهِ إِنْ کُنتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ)؛

فقد جاء فی مفهوم المُخالفة الوارد فی الآیة النهی عن أکل أو شرب أو استخدام کلّ ما کان خبیثاً. صَحَّ عن النبیّ -علیه الصّلاة والسّلام- أنه قال: (لا ضَررَ ولا ضِرارَ)

ثبت قطعاً بشهادة أهل الاختصاص من الأطباء والعلماء أنَّ التدخین سببٌ فی إصابة تسعة من بین کلّ عشرة من المرضى الذین یُصابون بسرطان الرئة فی العالم، کما أنّ التدخین سببٌ رئیسٌ فی حدوث أمراض القلب والجلطات الدماغیّة، وانتفاخ الرئة، والتهاب القصبات الهوائیّة، ویُسبّب الإصابة بالعِنَّة أو ما یُعرَف بالضعف الجنسیّ وضعف الانتصاب عند الرجال. وقد وصف أطبّاء النیکوتین بأنّه شبیهٌ بالمُخدِّارت من حیث الصفات، ورأوا ضرورة مُعاملة النیکوتین الموجود فی التّبغ کنوعٍ من أنواع المُخدّرات الخطیرة، کالهیروین والکوکایین. استدلّوا کذلک بالحدیث المرویّ عن أم سلمة رضی الله عنها حیثُ قالت: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله علیه وسلم عَنْ کُلِّ مُسْکِرٍ وَمُفَتِّرٍ)؛

واستناداً إلى رأی العلماء الثقات الذین قالوا بأنّ التدخین یحوی مواداً مُسکرةً فیکون حکم التدخین الحرمة قیاساً على حُرمة المُسکرات جمیعها. 

هل التَّدخین یُبطل الوضوء لم یرد فی أیّ مذهب من مذاهب أهل السنّة والجماعة، أو عند أی عالمٍ من علماء المسلمین الموثوقین أنّ شرب الدّخان أو التدخین بأنواعه من الأراجیل أو السجایر أو غیرها أنّ ذلک من نواقض الوضوء

 أو أنّ مُمارسة تلک الأعمال تُؤدّی إلى نقض الوضوء، وأنّ على فاعل ذلک أن یتوضّأ إذا أراد الصّلاة بغض النظر عن طهارته الحسیّة من عدمها، سواءً بذلک من قال بحرمة التدخین أو من قال بغیر ذلک، وقد صرّحت دار الإفتاء المصریّة بعدم نقض الدّخان للوضوء ما لم یکن المُدخّن مُحدثاً بالأصل، ومما جاء فی الفتوى أنّ: (التدخین لا ینقض الوضوء، غیر أنّه یُستحبّ للمسلم أن یُطهّر فمه من رائحة التّدخین عند الصّلاة حتى لا یُؤذی إخوانه المُصلّین)، فینبغی للمُدخِّن أن یُزیل ما عَلق بفمه من رائحةٍ کریهةٍ إذا أراد الذهاب إلى المسجد؛ وذلک حرصاً على دفع ضرر تلک الرائحة وأذاها عن المُصلّین، قیاساً على ما جاء من نهی من مسَّ فمه ثومٌ أو بصلٌ من الذهاب إلى المسجد؛ لما فی ذلک من إزعاجٍ للمصلین، مع أنّ أکل الثوم والبصل مبُاحٌ لا بأس فیه، فیکون الحکم الأولى فی من مسَّ فمه رائحة دُخان مُحرَّمٌ أن یتجنّب الصلاة فی المسجد حتى یُزیل ما أصابه من الرّائحة التی حتماً ستُلحق الضرر بالمُصلّین، وکذلک الأمر إذا تعلّق الحکم بمکانٍ عامٍ یجتمع فیه المُسلمون؛ فإن الأولى عدم إلحاق الضرر بالنّاس.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد